ضمان الشفافية لتدعيم الموارد المالية للجماعات المحلية
6 décembre 2020
معاليم الإشغال الوقتي للطّريق العام: حتّى يعلم المواطن ما تطلبه البلديّة
14 mars 2021

تدعيم الموارد المالية للجماعات المحلية: هل يتم حل إشكاليات توزيع المعلوم على المؤسسات باعتماد المقاييس التي جاء بها قانون المالية لسنة 2021؟

 

هل يتم حل إشكاليات توزيع المعلوم على المؤسسات باعتماد المقاييس التي جاء بها قانون المالية لسنة 2021؟

 

بهدف تمكين الجماعات المحلية من منابها من المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية او التجارية او المهنية نص الفصل 37 من القانون عدد 46 لسنة 2020 المؤرخ في23 ديسمبر2020 المتعلق بقانون المالية لسنة 2021 على احكام تتعلق بمزيد إحكام توزيع المعلوم المذكور بهدف تنمية موارد البلديات المعنية.

على هذا المستوى تطرح الاحكام المذكورة العديد من التساؤلات حول مقاييس التوزيع الجديدة التي جاء بها الفصل 37 من قانون المالية لسنة 2021 ومدى فاعليتها لبلوغ الهدف الذي أدرجت من أجله ألا وهو مزيد إحكام عملية التوزيع.

كما يطرح التساؤل حول جدوى إدراج أحكام امر كان ساري المفعول في تاريخ اصدار قانون المالية 2021 1 تتعلق بالتوزيع صلب مجلة الجباية المحلية في حين أن هناك نقائص أخرى تتعلق بالمعلوم لم يتم اتخاذ إجراءات بشأنها.

فما هي المقاييس الجديدة او بعبارة أخرى المتجددة؟ وهل فعلا سيتم حل الإشكاليات المطروحة بالنسبة لتوزيع المعلوم على المؤسسات باعتماد هذه المقاييس؟

قبل الإجابة على هذه التساؤلات يجدر التذكير بالمعلوم المشار اليه أعلاه وبأهميته في موارد الجماعات المحلية كما سنتطرق الى الإشكاليات التي يطرحها توظيف واستخلاص وتوزيع المعلوم.

تعريف المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية او التجارية او المهنية  

أحدث المعلوم بمقتضى القانون عدد 39 لسنة 75 المؤرخ في 14 ماي 1975 وكان محل عديد التنقيحات والتعديلات بمقتضى قوانين عديدة ومتتالية من أبرزها القانون عدد 11 لسنة 1997 المؤرخ في 3 فيفري 1997 المتعلق بإصدار مجلة الجباية المحلية حيث شملت التعديلات المذكورة أساس المعلوم ونسبه وطرق توظيفه واستخلاصه وكيفية توزيعه بين الجماعات المحلية في صورة ممارسة النشاط من قبل المؤسسات المعنية بعدة جماعات محلية مختلفة.

ويعتبر المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية او التجارية او المعنية من اهم موارد البلديات وهو يوظف لفائدتها باعتبار العقارات المتواجدة بترابها والمخصصة لتعاطي نشاط صناعي او تجاري او غير تجاري. ويحتسب على أساس رقم المعاملات الخام  2   بنسب تتراوح بين 0.1% و 0.2 % 3  مع حد أدنى يساوي المعلوم على العقارات المبنية المعدة لتعاطي النشاط يحتسب على أساس المساحة المغطاة والمعلوم المرجعي بالمتر المربع المبني  4  وعدد الخدمات المسداة من قبل الجماعة المحليــة المنصوص عليها بالفصل 5 الفقرة II  من مجلة الجباية المحلية.

ويستخلص المعلوم المستوجب على أساس رقم المعاملات بمقتضى تصريح شهري يودع لدى قباض المالية. 5  ويتعين على المؤسسات المعنية إدراج المعلومات الضرورية لعملية التوزيع مثل الحد الأدنى للمعلوم ومساحة العقارات التي يمارس بها النشاط والجماعات المحلية التي ترجع لها بالنظر هذه العقارات. وتتم مراقبة استخلاص الحد الأدنى على أساس جدول مراقبة تتولى إعداده الجماعة المحلية وتحيله للمصالح المكلفة بالاستخلاص لمتابعة الاستخلاص فقط. وفي صورة عدم بلوغ المعلوم على المؤسسات المستخلص على أساس رقم المعاملات الى غاية الشهر الحادي عشر من السنة الحد الأدنى المستوجب على العقار تتولى المصالح المكلفة بالاستخلاص المطالبة بالفارق المستوجب بمناسبة إيداع التصريح الثاني عشر من السنة فورا. وفي صورة عدم الدفع يتم تثقيل الفارق ويتم استخلاصه بنفس طرق استخلاص المعلوم على العقارات المعدة للسكن.

 وبالنسبة للمؤسسات التي تمارس نشاطها بجماعات محلية مختلفة يتم توزيع المعلوم على المؤسسات بين الجماعات المحلية المعنية طبقا لما نصت عليه مجلة الجبابة المحلية أي على أساس مقاييس توزيع تتمثل أساسا في مساحة العقارات المغطاة المعدة لتعاطي نشاط.

 توزيع المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية او التجارية او المهنية

في صورة تعاطي المؤسسات الخاضعة للمعلوم نشاطها بجماعات محلية مختلفة يتم توزيع المعلوم على المؤسسات على الجماعات المحلية المعنية على أساس المساحة المغطاة المستغلة في إطار نشاط المؤسسة طبقا لأحكام الفصل 38 الفقرة V من مجلة الجباية المحلية.  

إلا أن طريقة التوزيع المذكورة طرحت إشكالا في صورة عدم وجود مساحة مغطاة أو عقارات مبنية بجماعة محلية معنية تابعة لمؤسسة خاضعة للمعلوم. وقد سعى المشرع لإيجاد حلول حتى تتمكن الجماعات المحلية من الحصول على منابها من مردود المعلوم على المؤسسات أساسا بالنسبة للمؤسسات المختصة في إنتاج الرخام والآجر والمقاطع بصفة عامة والمساحات المخصصة للنشاط دون أن تكون مغطاة كالمستودعات المعدة لوقوف وسائل النقل بالنسبة لشركات النقـــــــــل و غيرها من المستودعات إلا أن الإشكال يبقى مطروحا بالنسبة للمعلوم على المؤسسات بصفة عامة المستوجب على المؤسسات الناشطة في قطاع الصناعات الاستخراجية و التي تخضع لأنظمة  جبائية خاصة 6 لم تتعرض لمثل هذه التوظيفات لفائدة الجماعات المحلية وبالتالي لم تنص على إمكانية التوزيع المذكورة مما نتج عنه  حرمان البلديات من موارد جبائية في حين أنها تسدي  خدمات  للمؤسسات المذكورة .

 هذا وفي صورة تعذر توزيع المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية على أساس المساحة المغطاة نصت مجلة الجباية المحلية انه يتم التوزيع باعتماد مقاييس تضبط بمقتضى أمر.

 وقد صدر الأمر عدد 49 لسنة 2006 المؤرخ في 9 جانفي 2006 ليضبط مقاييس توزيع المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعيّة أو التجاريّة أو المهنيّة إلا أن إشكالية التوزيع بقيت على ما يبدو مطروحة مما أدى بالمشرع الى إلغاء أحكام الفقرة V من الفصل 38 من مجلة الجباية المحلية وتعويضها بأحكام جديدة.

جديد قانون المالية لسنة 2021 بخصوص توزيع المعلوم على المؤسسات

تم بمقتضى الفصل 37 من قانون المالية لسنة 2021 إلغاء أحكام الفقرة V من الفصل 38 من مجلة الجباية المحلية وتعويضها بأحكام جديدة قديمة إذ يتمثل التغيير قصرا فيما يلي:

– تعويض عبارة ” المساحة المغطاة لكل مركز أو فرع كائن بمنطقة كل جماعة محلية.” بـ ” المساحة المغطاة لكل مركز أو فرع كائن بمنطقة كل جماعة محلية بصرف النظر عن وجهة استعماله.”

– إدراج أحكام الأمر عدد 49 لسنة 2006 المؤرخ في 9 جانفي 2006 المتعلق بضبط مقاييس توزيع المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعيّة أو التجاريّة أو المهنيّة صلب مجلة الجباية المحلية.

وبخصوص التنقيحات المذكورة يمكن إبداء الملاحظات التالية:

1) بخصوص تعويض عبارة ” المساحة المغطاة لكل مركز أو فرع كائن بمنطقة كل جماعة محلية.” بـ ” المساحة المغطاة لكل مركز أو فرع كائن بمنطقة كل جماعة محلية بصرف النظر عن وجهة استعماله”

بالرجوع لأحكام الفصل 38 من مجلة الجباية المحلية يتجلى تركيز المشرع على إرساء أحكام تتعلق بعملية التوزيع وتبريرها على وجهة استعمال العقارات إذ تم الاقتصار على العقارات المعدة لتعاطي نشاط في عملية التوزيع دون سواها. كما تم اعتماد نفس التوجه بالنسبة للحد الأدنى للمعلوم بالنسبة للعقارات المعدة لتعاطي نشاط إذ تم بمقتضى امر  7  ضبط معلوم مرجعي بالمتر المربع المبني بالنسبة لكل صنف من أصناف العقارات المعدة لتعاطي نشاط ،  إلا انه بمقتضى الفصل 37 من قانون المالية لسنة 2021 تم القطع  مع هذا التوجه و تعويضه بتوزيع المعلوم على أساس المساحة المغطاة بصرف النظر على وجهة استعمال العقار مما قد يؤدي الى تمكين بعض البلديات من مناب من المعلوم على المؤسسات و هو معلوم بالأساس مهني باعتبار مساحة عقارات غير مخصصة لتعاطي نشاط و معدة مثلا للسكن 8  تخضع بمقتضى المجلة لأحكام خاصة بالنسبة لضبط المعلوم المستوجب عليها  9  مختلفة تماما على الأحكام المتعلقة بالعقارات المعدة لتعاطي نشاط .

علما وان مجلة الجباية المحلية في فصلها 40 الفقرة III مكنت الجماعات المحلية التي لم تتحصل على منابها من المعلوم على المؤسسات من مراقبة تصاريح المؤسسات المعنية للتأكد من إدراج المعلومات التي تمكن من التوزيع. وفي صورة غياب المعلومات أو في صورة إدراج معلومات مغلوطة أو منقوصة يمكن للجماعة المحلية توظيف المعلوم على العقارات المبينة غير قابل للاسترجاع على الفرع المتواجد بدائرتها الترابية وخطية تساوي 1000 دينارا بعنوان كل مقطع أو عقار غير مغطى أو غير مبني لم يتم التصريح به ولو تم الإدلاء بما يفيد دفع المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية.

 وبالتالي وبناء على المقياس الجديد الذي جاء به الفصل 37 من قانون المالية لسنة 2021 والمتمثل في اعتماد مساحة العقار المتواجد بجماعة محلية معنية بصرف النظر عن وجهة استعماله كان من المفروض:

– ملاءمة أحكام الفقرة III من الفصل 40 مع الأحكام الجديدة،

– التنصيص على ضرورة تسجيل هذه العقارات بأصول المؤسسة المعنية لتلافي التجاوزات،

– إيجاد الية توزيع ومراقبة خاصة تعتمد من قبل مصالح الاستخلاص. 

2)  إدراج الأحكام المتعلق بضبط مقاييس توزيع المعلوم على المؤسسات صلب مجلة الجباية المحلية:

لم يتم ذكر المبررات التي دفعت الى إدراج أحكام الأمر المتعلق بالتوزيع صلب المجلة. وقد يكون الهدف من ذلك هو احترام أحكام الدستور التي تنص في فصله عدد 65 على أن ضبط قاعدة الأداءات ونسبها وإجراءات استخلاصها تتخذ وجوبا شكل قوانين. فاذا كان ذلك هو المبرر لاتخاذ الإجراء المشار اليه أعلاه فانه كان يتعين إدراج صلب المجلة العديد من الأحكام الأخرى مثل ضبط المعلوم المرجعي بالمتر المربع المعتمد لضبط الحد الأدنى او كذلك الثمن المرجعي للمعلوم على العقارات المبنية أو غيرها من الأحكام الواردة بالأوامر التطبيقية لمجلة الجماعات المحلية. 

وفيما يلي حوصلة للأحكام المدرجة بالفقرة V من الفصل 38 من مجلة الجباية المحلية:

الحالة   مقياس التوزيع
المؤسسة التي يمتد نشاطها إلى عدة جماعات محلية   المساحة المبنية أو المغطاة   بصرف النظر عن وجهة استعمال العقار
 في صورة ممارسة المؤسسة نشاطها بعقارات مبنية مع وجود مقطع مستغل في إطار النشاط
المؤسسة تمارس نشاطها بعقارات مبنية مع وجود مقطع مستغل في إطار النشاط 50 % من مبلغ المعلوم ترجع إلى الجماعة المحلية المتواجد بترابها المقطع
 وجود عدة مقاطع بجماعات محلية مختلفة 50 % توزع   بين الجماعات المحلية التي تأوي المقاطع
وجود فرع أو مركز بتراب جماعة محلية ومستغل في إطار النشاط يوزع الباقي بين الجماعات المحلية المعنية على أساس المساحة المبنية
في صورة ممارسة المؤسسة نشاطها بعقارات مبنية مع وجود عقارات غير مبنية أ وغير مغطاة في إطار النشاط
مؤسسات تنشط في عقارات غير المبنية أو غير المغطاة 30 %    توزع بالتساوي بين الجماعات المحلية المعنية
 مؤسسات تنشط في عقارات مبنية أو المغطاة
70 % يوزع   بين الجماعات المحلية المعنية
في صورة ممارسة المؤسسة نشاطها بجماعات محلية مختلفة دون وجود عقارات مبنية أو غير مبنية في إطار النشاط يتم توزيع المعلوم بين الجماعات المحلية المعنية على أساس رقم المعاملات المحقق بكل جماعة محلية

ويستشف من نية المشرع أن المقصود بالتعديلات المنجزة هو تيسير عملية توزيع المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية بين الجماعات المحلية التي يمتد نشاطها الى جماعات محلية مختلفة فهل يتم تحقيق الهدف المرسوم؟ أم أن الحكم على نجاعة الإجراءات الجديدة في حل الإشكال يستوجب بعض الوقت لتقييمها؟

تساؤلات أخرى تطرح في نفس السياق ولنفس الأسباب منها هل يأدي تطبيق أحكام قانون المالية لسنة 2021 الى حل    إشكاليات التوزيع بصفة جذرية؟

 إن المقاييس الجديدة، المتجددة زادت الأمر تعقيدا جراء إقحام المحلات المعدة للسكن في عملية التوزيع؟

علما وأنها قد تتسبب، دون قصد، في خلق إشكالية “ازدواج ضريبي” بالنسبة للعقارات المعدة للسكن التي تخضع في حد ذاتها للمعلوم على العقارات المبنية  10 المحتسب حسب مقاييس خاصة بها وفي نفس الوقت تم اعتبارها ساهمت في تحقيق رقم المعاملات أساس احتساب المعلوم على المؤسسات. تساؤلات مشروعة تستحق تعميق البحث والنقاش.

 

 
 
 

 

عائشة قرافي
حرم الحصني

مستشارة اختصاص حوكمة ومكافحة الفساد

 

 

 

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *