برنامج عمل مشترك بين الجمعية التونسية للحوكمة الجبائية والغرفة التونسية الهولندية للصناعة والتجارة
6 juillet 2022
بلاغ الجمعية التونسية للحوكمة الجبائية حول ملائمة السياسة الجبائية مع الحق في بيئة سليمة
14 septembre 2022

نظام المبادر الذاتي في تونس: مرّت سنتان دون أن تصدر النصوص التطبيقية

 

نظام المبادر الذاتي في تونس: مرّت سنتان دون أن تصدر النصوص التطبيقية

 

تم إحداث نظام المبادر الذاتي في تونس بمقتضى المرسوم عدد 33 لسنة 2020 المؤرخ في 10 جوان 2020، وهو نظام جبائي مبسط مخصص لبعث مشاريع فردية بناء على مبادرة من المجتمع المدني. ويضبط المرسوم إجراءات الانتفاع بنظام المبادر الذاتي وشروطه والواجبات المحمولة على الأشخاص المنخرطين فيه. ويمثل هذا النظام أول محاولة جدية لتبسيط إجراءات إحداث المشاريع الفردية الصغرى. إلا أن إجراءات الانتفاع به بقيت حبرا على ورق إذ لم تقم الحكومات المتعاقبة باستكمال متطلبات بعث نظام المبادر الذاتي رغم انتشار العمل به في عدة دول العالم.

نظام المبادر الذاتي في المغرب العربي والعالم

يعود الفضل في إصدار النص المتعلق بنظام المبادر الذاتي في تونس إلى مبادرات المجتمع المدني التي تهدف إلى الإسهام في مكافحة الاقتصاد غير المنظم والتي ترى أن نظام المبادر الذاتي “سيمكن من إدماج ما لا يقل عن مليون و900 ألف عامل ينشطون في الاقتصاد غير المنظم فضلا على منح الشباب الإحاطة الاجتماعية والمرافقة في بعث المشاريع”. وتوجت أعمال المجتمع المدني بالاشتراك مع وزارة التكوين والتشغيل بالإعلان في سنة 2019 على إعداد مشروع قانون المبادر الذاتي ثم بإصدار المرسوم عدد 33 لسنة 2020. ويعتبر إحداث تونس لنظام المبادر الذاتي متأخرا مقارنة بدول العالم وببعض الدول العربية.

يعود إحداث نظام المبادر الذاتي بالقارة الأوروبية إلى منتصف القرن العشرين، وشمل الجيل الأول للمبادرين الذاتيين قطاعات الفلاحة والحرف والمهن الحرة، ليمتد فيما بعد إلى الأنشطة الرقمية. ولم يقتصر هذا النظام على الدول الأوروبية فقط وإنما شمل عديد دول العالم ليفضي في سنة 2000 إلى إطلاق منصة عالمية للأعمال الحرة تحت عنوان ” freelancer.com” التي ضمت في بدايتها كل من فرنسا وألمانيا وإسبانيا وسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية.

أما في دول المغرب العربي فكانت البداية مع دولة المغرب التي وضعت لنظام المقاول الذاتي إطارا قانونيا مبسطا يمكن من إنشاء مقاولة فردية وذلك بمقتضى القانون رقم 114.13 المنشور بالجريدة الرسمية للمملكة المغربية بتاريخ 12 مارس 2015.

وكانت الجزائر آخر من التحق بمجموعة الدول التي اعتمدت هذا النظام وذلك بعد أن صادق مجلس وزرائها بتاريخ 17 جويلية 2022 على مشروع القانون الأساسي للمقاول الذاتي، وتراهن الجزائر على أن المشروع “من شأنه إعطاء دفع جديد للفاعلين في مجال المقاولاتية والمؤسسات الناشئة”.

نظام المبادر الذاتي في تونس

تم إحداث نظام المبادر الذاتي في تونس بمقتضى المرسوم عدد 33 لسنة 2020 المؤرخ في 10 جوان 2020، ويعرف المبادر الذاتي بأنه كل شخص طبيعي حامل للجنسية التونسية يمارس نشاطا بصفة فردية سواء في قطاع الصناعة أو الفلاحة والحرف والخدمات والصناعات التقليدية، الذي لا يتجاوز رقم معاملاته السنوية 75 ألف دينار.

وبناء على الفصل 3 من المرسوم عدد 33 فان التصرف في نظام المبادر الذاتي يتم من خلال منصة إلكترونية تتضمن “السجل الوطني للمبادر الذاتي” وهو سجل الكتروني خاص يتم فيه الترسيم ثم اعادة الترسيم وايضا الإعلام بقرار الترسيم أو عدم الترسيم”. ويتم من خلال السجل الالكتروني التصريح برقم معاملات الأشخاص المرسمين به الذي حققوه من الأعمال المنجزة.

ويتم عبر المنصة ايضا الإعلام بقرارات الشطب من خلال السجل الإلكتروني والتظلم بشأنها مع الاعلام والتواصل مع المعنيين في كل ما يتعلق بالحقوق والواجبات.

ويستوجب الانتفاع بصفة المبادر الذاتي إيداع الشخص الراغب في ذلك طلب ترسيم الكتروني بالسجل الوطني المبادر الذاتي أو تعمير استمارة ورقية مقابل وصل يسلم في الغرض لدى مكاتب التشغيل والعمل المستقل أو مكاتب القباضات المالية أو مكاتب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وينتفع المترشح الذي تتوفر فيه الشروط ببطاقة المبادر الذاتي في أجل 15 يوما من تاريخ التقديم ويتم تجديدها كل 3 سنوات وتسلم إلكترونيا عبر المنصة او من قبل الادارات المودع لديها الطلب.

أما في حالة الرفض فيعلم المعني بالأمر بقرار معلل في أجل اقصاه 15 يوما منذ تقديم الطلب، ومن ضمن الشروط ايضا ان يحترم المبادر قواعد المنافسة وحماية المستهلك والصحة والسلامة والحقوق والإجراءات الجبائية والاجتماعية، مع ضرورة أن تكون معطياته المتعلقة بوضعيته وبممارسته لنشاطه والتصريح برقم المعاملات المحقق محينة.

نظام جبائي واجتماعي مبسط

بناء على ما جاء في الفصل 7 من المرسوم عدد 33 فإن المبادر الذاتي ينتفع بنظام ضريبي يقوم فيه بدفع مساهمة وحيدة تكون محررة من الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين ومن الأداء على القيمة المضافة ومن المساهمة في نظام الضمان الاجتماعي وتحتسب هذه المساهمة الوحيدة كما يلي:

  • 5 % من رقم المعاملات بعنوان الضريبة على الدخل
  • 7,5% من الأجر الأدنى الصناعي المضمون أو الأجر الأدنى الفلاحي المضمون بالنسبة إلى الناشطين في القطاع الفلاحي

ويمكن للمنتفع بنظام المبادر الذاتي أن ينخرط في نظام الضمان الاجتماعي الخاص بالعملة غير الأجراء لترتفع نسبة المساهمة إلى 11%. أما بالنسبة إلى المنتفعين بنظام المبادر الذاتي من المتقاعدين فتخفض نسبة المساهمة إلى 4%.

وتسدد المساهمة الوحيدة على أربع دفعات بواسطة تصريح الكتروني خلال الـ 15 يوما الموالية لكل ثلاثية. ويتضمن التصريح بعنوان كل ثلاثية اضافة إلى رقم المعاملات المحقق خلال الثلاثية المعنية رقم المعاملات المجمع والمحقق خلال السنة. نفسها. ويرفع مبلغ المساهمة الوحيدة بعنوان الضريبة بنسبة 30 % في صورة إيداع التصريح بعد مضي 30 يوما من انقضاء الآجال القانونية المنصوص عليها. وفي حال انقضاء الأجل دون الدفع تضاف خطية تقدر بنسبة 0.5 %عن كل يوم تأخير بعنوان الضريبة.

ويتضمن المرسوم حماية للمنتفع بنظام المبادر الذاتي تقضي باستثناء مقر إقامته الرئيسي من إجراءات التنفيذ إذا تخلد بذمته ديون مترتبة عن نشاطه المهني.

وينص الفصل 9 من المرسوم على أن يعفى المبادر بعنوان نشاطه من إيداع التصاريح الجبائية المنصوص عليها بالتشريع الجبائي الجاري به العمل ومن دفع معلوم على المؤسسات ذات الصبغة المهنية والتجارية او المهنية، كما تعفى ايضا كل المبالغ التي يستخلصها وفي إطار نشاطه من الخصم من المورد المنصوص عليه بالفصل 52 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات.

وينص الفصل 10 من المرسوم أيضا على أنه يتم شطب المبادر الذاتي من السجل الوطني في حال مطالبته بشطب اسمه أو مطالبته بذلك على المنصة أو في حال عدم دفعه للمساهمة الوحيدة بعنوان خمس ثلاثيات أو في حال ايداع تصاريح لا تتضمن رقم معاملات بعنوان 5 سنوات أو تجاوز رقم المعاملات السقف المنصوص عليه بالفصل 2 من المرسوم أو تحقيق نسبة تتجاوز 90% من رقم المعاملات مع مؤسسة اقتصادية تربطه بها علاقة شغلية سابقة أو عدم احترام الشروط   المستوجبة لممارسة النشاط أو المنع من ممارسة النشاط بمقتضى حكم قضائي.

عدم تفعيل نظام المبادر رغم أهميته في الظرف الاقتصادي الحالي

يعتبر نظام المبادر الذاتي الذي تضمنه المرسوم عدد 33 لسنة 2020 أول مبادرة جدية لإدماج الناشطين في الاقتصاد الموازي نظرا لما تضمنه من تبسيط للإجراءات ومن ضمانات قانونية مقارنة بالإجراءات التي تضمنتها قوانين المالية السابقة والتي لم تلق تجاوبا لما اتسمت به من تعقيد وتكلفة وانعدام الضمانات.

ورغم النجاح الذي لاقاه هذا النظام في مختلف دول العالم وإقبال الدول على اعتماده فضلا على ما يمكن أن يوفره من فرص عالمية للشباب فإن الحكومات المتعاقبة لم تسع إلى تفعيله مما جسم مرة أخرى سيطرة البيروقراطية والقوى المعارضة للتجديد والتبسيط التي سبق وأجهضت مشاريع الإصلاح والتحديث.

وسبق للجمعية التونسية للحوكمة الجبائية أن توجهت لكل من رئاسة الحكومة ووزارة المالية في 09 مارس 2022 ببلاغ دعت فيه إلى ضرورة إصدار النصوص التطبيقية لهذا المرسوم مذكرة بقدرة هذا النظام على تمكين العديد من الشباب والناشطين من تسوية وضعيتهم القانونية والحصول على التغطية الاجتماعية.

وتكمن اهمية إطلاق هذا النظام التي كانت الجمعية قد اشارت اليها في البلاغ الذي أصدرته في قدرته على تمكين العديد من الشباب الناشطين في عديد القطاعات من غير الأجراء من الحصول على وضعية قانونية تيسر لهم النفاذ إلى حقوقهم الأساسية وتسوية وضعيتهم الجبائية و الانتفاع بالتغطية الاجتماعية، هذا بالإضافة إلى قدرته على تمكين عديد المؤسسات الاقتصادية التي تلجأ بصورة ظرفية إلى خدمات افراد من ذوي الاختصاص إلى الحد من المخاطر الجبائية والاجتماعية.

 كما يمكن أن يساهم هذا النظام في الحد من البطالة بالنسبة إلى الصحفيين والفنانين والعاملين في القطاعات الفنية والسمعية البصرية والحرفية.

ما هي الإجراءات التي لم تستكملها الحكومة؟

اقتضى الفصل 2 من المرسوم أن يتم ضبط الأنشطة داخل القطاعات التي يشملها نظام المبادر الذاتي بمقتضى أمر حكومي، حتى يتم بذلك تحديد مختلف الأنشطة التي تندرج في خانة “نظام المبادر الذاتي” وهو الأمر الذي لم تقم به الحكومة الى حد الساعة منذ جوان 2020.

كما ينص الفصل 3 على إحداث منصة الخدمات الالكترونية التي ستكون مخصصة للغرض والتي لم تقم رئاسة الحكومة والوزارات المعنية بإحداثها إلى حد هذه اللحظة أيضا حيث ينص الفصل على أن يتم التصرف في نظام المبادر الذاتي عبر “منصة خدمات إلكترونية ” محدثة للغرض تضبط طرق إدارة المنصة وتنظيمها والتصرف فيها بمقتضى أمر حكومي.

وينص الفصل الرابع من المرسوم على أن يتم إحداث سجل وطني إلكتروني خاص يطلق عليه تسمية “السجل الوطني للمبادر الذاتي” يكون صلب منصة الخدمات لتتم فيه كل العمليات المتعلقة بالمبادر الذاتي بما في ذلك الترسيم وإعادة الترسيم والإعلام بقرار الترسيم أو عدم الترسيم وأيضا التصريح برقم المعاملات واستخلاص معلوم المساهمة الوحيدة والإعلام بقرارات الشطب من سجل المبادر الذاتي والتظلم بشأنها والتواصل مع المعنيين في كل ما يتعلق بالحقوق والواجبات المتعلقة بنظام المبادر الذاتي.

يمكن لنظام المبادر الذاتي أن يتيح للشبان التونسيين والعديد من العاطلين على العمل فرص عمل من خلال بعث عديد مشاريع فردية، فهو يشكل خطوة جديدة عولت عليها عديد الدول للتخفيض من نسب البطالة سواء داخل البلدان نفسها أو من خلال الشبكة العالمية التي أحدثتها الدول التي تتبنى هذا النظام.

 
 

اسكندر نوار
صحفي تونسي

 

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *