صندوق النهوض بزيت الزيتون المعلب: 99,176 مليون دينار موارد محققة في سنة 2023 مقابل 6,376 مليون دينار دفوعات
7 mai 2024
رئيسا جديدا لفرقة الأبحاث ومكافحة التهرب الجبائي
23 mai 2024

صندوق تمويل الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري: آلية هامة ولكن هل من حل لمشكل تأخير صرف المستحقات؟

 

صندوق تمويل الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري: آلية هامة ولكن هل من حل لمشكل تأخير صرف المستحقات؟

 

يمثل الصندوق تمويل الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري واقعا وقانونا، آلية هامة تساعد على تطوير قطاع الصيد البحري وتجديد الثروات البحرية الوطنية عامة، ودعم فئة من البحارة المنخرطين في منظومة الراحة البيولوجية ليقدروا على مواصلة نشاطهم في ظل مواجهة مصاعب ندرة الثروات البحرية الحية نتيجة تفاقم الصيد العشوائي من جهة، ونهبها من البحارة الأجانب من جهة أخرى. ولئن توفرت الموارد، فإن تأخير صرفها في غير أوقاتها، ظل مشكلا لا يزال البحارة يطابون بمعالجته في أسرع الأوقات. 

أحدث المشرع التونسي، صندوق تمويل الراحة البيولوجية كحساب خاص للخزينة، بمقتضى الفصول من 11 إلى 13 من القانون عدد 71 لسنة 2009 المؤرخ في 21 ديسمبر 2009 المتعلق بقانون المالية لسنة 2010. وتيسيرا للفهم، يقصد بنظام الراحة البيولوجية توقيف نشاط أو عدة أنشطة صيد بحري وجوبا لفترة زمنية لا تتجاوز ثلاثة أشهر قابلة للتجديد وبمناطق بحرية مهددة بكثافة الاستغلال أو بتقلص ثرواتها البحرية الحية. ويمكن للوزير المكلف بالصيد البحري أن يطبق نظام الراحة البيولوجية في منطقة معينة ولفترة محددة لا تتجاوز الثلاثة أشهر بمقتضى مقرر يصدره في الغرض.

أهداف الصندوق  

بالرجوع إلى جميع النصوص التشريعية والترتيبية وأبرز الأعمال التحضيرية المتعلق بهذه الآلية، يندرج إحداث صندوق دعم الراحة البيولوجية ضمن فلسفة المشرع في تمويل قطاعات وأنشطة اقتصادية استراتيجية عبر خطوط تمويل بسيطة خارج التعقيدات التي يمليها التصرف في ميزانية الدولة.  فهو يهدف، بحسب تقرير لجنة المالية بمجلس نواب الشعب، إلى دعم قطاع الصيد البحري وذلك بتوفير “تمويلات إضافية لتعويض البحارة المشمولين بمنظومة الراحة البيولوجية من خلال توزيع موارد صندوق الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري على المنتفعين بها، برصد لفائدته مردود بيع الحصة السنوية الوطنية لصيد التن الأحمر لوحدات الصيد البحري التي يتم تسجيلها سنويا لدى اللجنة الدولية لصون التنيات مع ضبط قيمة وكيفية احتساب الحصة المذكورة بمقتضى قرار مشترك من وزير المالية والوزير المكلف بالفلاحة والصيد بالبحري”. (مجلس نواب الشعب. تقرير لجنة المالية والميزانية حول مشروع قانون المالية لسنة 2024.  (عدد 33 / 2023) رئيس اللجنة: عصام شوشان نائب رئيس اللجنة: عبد الجليل الهاني مقرر اللجنة: عصام البحري الجابري. ديسمبر 2023).

أهداف الصندوق

بالرجوع إلى جميع النصوص التشريعية والترتيبية وأبرز الأعمال التحضيرية المتعلق بهذه الآلية، يندرج إحداث صندوق دعم الراحة البيولوجية ضمن فلسفة المشرع في تمويل قطاعات وأنشطة اقتصادية استراتيجية عبر خطوط تمويل بسيطة خارج التعقيدات التي يمليها التصرف في ميزانية الدولة.  فهو يهدف، بحسب تقرير لجنة المالية بمجلس نواب الشعب، إلى دعم قطاع الصيد البحري وذلك بتوفير “تمويلات إضافية لتعويض البحارة المشمولين بمنظومة الراحة البيولوجية من خلال توزيع موارد صندوق الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري على المنتفعين بها، برصد لفائدته مردود بيع الحصة السنوية الوطنية لصيد التن الأحمر لوحدات الصيد البحري التي يتم تسجيلها سنويا لدى اللجنة الدولية لصون التنيات مع ضبط قيمة وكيفية احتساب الحصة المذكورة بمقتضى قرار مشترك من وزير المالية والوزير المكلف بالفلاحة والصيد بالبحري” (مجلس نواب الشعب. تقرير لجنة المالية والميزانية حول مشروع قانون المالية لسنة 2024. (عدد 33 / 2023) رئيس اللجنة: عصام شوشان نائب رئيس اللجنة: عبد الجليل الهاني مقرر اللجنة: عصام البحري الجابري. ديسمبر 2023).

موارد الصندوق

أحدث المشرع التونسي معلوم تمويل الراحة البيولوجية كمورد أساسي لتمويل تدخلات صندوق تمويل الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري ويوظف المعلوم على منتجات الصيد البحري المنصوص عليها ضمن الفصل 14 من القانون عدد 27 لسنة 1982 المؤرخ في 23 مارس 1982 (مجلس نواب الشعب. تقرير لجنة المالية والميزانية حول مشروع قانون المالية لسنة 2024. ) عدد 33 / 2023 ) رئيس اللجنة: عصام شوشان نائب رئيس اللجنة: عبد الجليل الهاني مقرر اللجنة: عصام البحري الجابري. ديسمبر 2023) عند التصدير أو البيع بالسوق المحلية وذلك بنسبة 1% على رقم المعاملات المحقق عند البيع المحلي و2% من قيمة المنتوجات المصدرة والمصرح بها لدى الديوانة.

كما يقع تمويله بموارد أخرى، وبالخصوص الهبات والتبرعات التي يمنحها الأشخاص الطبيعيون والأشخاص المعنويون للصندوق وكل الموارد الأخرى التي يمكن توظيفها لفائدة الصندوق بمقتضى التشريع الجاري به العمل”. (قانون عدد 13 لسنة 2023 مؤرخ في 11 ديسمبر 2023 يتعلق بقانون المالية لسنة 2024. الرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 12 ديسمبر 2023. عدد 144. صفحة 6440).

تم تعزيز موارد الصندوق بمقتضى أحكام الفصل 17 من قانون المالية لسنة 2024 وذلك بموارد إضافية متأتية من الحصة الوطنية السنوية لصيد التن الأحمر وذلك بخصم %40 من مرابيح السفن المتمتعة برخصة صيد التن الأحمر وخصم %40 من مرابيح  ضيعات تربية وتسمين وتصدير التن الأحمر.

وتخصص هذه الموارد الإضافية المتأتية من صيد وتصدير التن الأحمر لفائدة صغار البحارة في سفن الصيد بالشباك الدائرة وسفن الصيد الساحلي بعنوان تعويض باعتبار تضررهم من التن الأحمر. وتضبط كيفية تحصيل هذه الموارد بقرار مشترك من الوزير المكلف بالمالية والوزير المكلف بالصيد البحري.

وسجل صندوق تنمية الراحة البيولوجية في قطاع البحري موارد بقيمة 37,36 مليون دينار خلال السنة المالية 2022 في حين لم تتجاوز الاعتمادات الموزعة 6,55 مليون دينار. وفي سنة 2023 بلغت موارد الصندوق 67,46 مليون دينار في حين تراجعت الاعتمادات الموزعة إلى 5,51 مليون دينار.

تسيير الصندوق

يكلف الفصل 4 (جديد) من الأمر الحكومي عدد 918 لسنة 2016 المتعلق بضبط طرق تدخل صندوق تمويل الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري (أمر حكومي عدد 918 لسنة 2016 مؤرخ في 27 جويلية 2016 يتعلق بتنقيح الأمر عدد 1766 لسنة 2010 المؤرخ في 19 جويلية 2010 المتعلق بضبط طرق تدخل صندوق تمويل الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري. الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد64 الصادر في 5 أوت 2016. ص.2783-2785)، المجمع المهني المشترك لمنتجات الصيد البحري بصرف المساعدات المخصصة ضمن الصندوق. وتكتسي الاعتمادات السنوية الخاصة بالراحة البيولوجية صبغة تقديرية. وتتم برمجتها سنويا ضمن ميزانية المجمع المهني المذكور. ولا يمكن أن يتجاوز المبلغ الجملي للمساعدات التي يتم إسنادها سنويا 90 % من المبلغ المتأتي من المعاليم المحدثة لتمويل الراحة البيولوجية. ويتحمل صندوق تمويل الراحة البيولوجية المصاريف البنكية والبريدية الناجمة عن تحويل المساعدات. وبحسب الفصل 7 (جديد) من نفس النص الترتيبي، يتم صرف المساعدة بعنوان الراحة البيولوجية عن طريق المجمع المهني المشترك لمنتجات الصيد البحري في قسطين اثنين يسند الأول خلال شهر أوت ويسند الثاني بعد انتهائها وقبل موفى شهر أكتوبر شريطة توفر الاعتمادات بالصندوق. ويوكل الفصل 9 من نفس الأمر الحكومي، إلى الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري متابعة توزيع المساعدات على المنتفعين بها من مجهزين وأفراد طواقم وحدات الصيد المعنية بالراحة البيولوجية. كما يتولى التحكيم في النزاعات التي قد تحصل بين الجانبين في هذا الشأن.

الانتفاع بدعم الصندوق

  ضبط الأمر الحكومي عدد 918 لسنة 2016 المذكور أعلاه، طرق الانتفاع بموارد الصندوق مقابل أيام الراحة البيولوجية التي يلتزم بها البحارة المعنيين.  وبحسب الفصل 3 (جديد): تسند المساعدات الخاصة بالراحة البيولوجية بالاعتماد على أيام الإبحار الفعلية خلال الفترة الممتدة من انتهاء الراحة البيولوجية للسنة السابقة إلى بداية الراحة البيولوجية للسنة الجارية بالنسبة للمركب المشارك وعلى مجموع أيام العمل المسجل بالوثيقة المهنية خلال فترة النشاط السابقة لفترة الراحة البيولوجية بالنسبة للبحار شريطة التزام مجهز المركب والبحار بعدم تعاطي الصيد خلال الفترة المحددة للراحة البيولوجية وأن لا يكون المركب متوقفا عن النشاط لمدة تفوق ثلاثة أشهر متتالية عند انطلاق فترة الراحة البيولوجية. وبالتالي لا يمكن إسناد أية مساعدة بعنوان الراحة البيولوجية لوحدة صيد لم يتول مجهزها تمكين أفراد طاقمها من منابهم من المساعدة.  ويترتب عن عدم احترام الأحكام المتعلقة بالراحة البيولوجية استرجاع كل المنح المسندة في الغرض. ويتم الاسترجاع بمقتضى مقرر من الوالي المختص ترابيا بعد أخذ رأي اللجنة الجهوية لإسناد الامتيازات بعد سماع المستفيد المعني مسبقا إثر استدعائه قانونا.

إشكاليات صرف مساعدات الصندوق

وبقدر أهمية الصندوق في حد ذاته، بقدر ما يتطلب تطويرا في آليات عمله وحوكمة موارده وانتظاما في صرفها لمستحقيها. حيث يكاد يكون  التأخير في صرفها مشكلا يثيره البحارة المنخرطين في منظومة الراحة البيولوجية باستمرار منذ تأسيس الصندوق. فقد عبر صالح هديدر نائب رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لإذاعة خاصة عن قلق البحارة من خدمات صندوق تمويل الراحة البيولوجية” الذي يساهم البحارة انفسهم في تمويله بقيمة 17 أو 18 مليون دينارا سنويا، في حين أنهم لا ينتفعون منه إلا بما قدره سبعة مليون دينارا (07) على أقصى تقدير…” ويأمل في أن يتم استغلال بقية المبالغ في تنمية القطاع ودعم تعاون البحارة في الظروف الصعبة التي يمرون بها، وفي تأهيل موانئ الصيد البحري حتى يتمكن الفلاح من تحسين مردوده (“صالح هديدر: سنويا أموال صندوق الراحة البيولوجية البحرية تتبخر!” المصدر: راديو “ديوان اف ام (Diwan Fm). برنامج “منك نسمع”  بتاريخ 2 ديسمبر 2021. وتم يثها على موقع الراديو على اليوتوب على الرابط التالي : https://www.youtube.com/watch?v=JxbQl6_ieVg). وقد كان شارك السيد صالح هديدر في تظاهرة احتجاجية نظمها اتحاد الفلاحين والجامعة العامة لصيد الأعماق أمام مقر ولاية صفاقس في مفتتح شهر ديسمبر 2021 احتجاجا على ما أسماه تمادي سلطة الإشراف في اتخاذ قراراتها دون استشارة البحارة.  وعلى أمواج نفس الإذاعة، كان أطلق قبل ذلك الموعد بسنة، صيحة فزع لأوضاع البحارة، معتبرا أن البحارة الذين يعيشون أوضاعا مالية صعبة، يطلبون مزيدا من دعم صندوق الراحة البيولوجية الذي مولوه بمساهماتهم على حد تعبيره. ولاحظ أن الصندوق على مدى أكثر من عشر سنوات من إحداثه، تراكمت فيه أموال متخلدة تقدر بخمسين أو ستين مليارا، قائلا أنه آن الأوان أن تعود هذه الأموال لأصحابها من خلال إعادة توزيعها على صغار البحارة (“صالح هديدر: على الدولة صرف أموال صندوق الراحة البيولوجية لفائدة البحّارة” حوار مع الصحفية هدى الورغي على راديو ديوان اف ام (Diwan Fm).  بتاريخ 1 أفريل 2020. وتم يثها على موقع الراديو على اليوتوب على الرابط التالي : https://www.youtube.com/watch?v=9XedZh2ankI).  

وفي الواقع، يبدو أن مختلف هذه المشاكل المتعلقة بعدم انتظام صرف مساعدات البحارة، تخفي إشكاليات أعمق تتطلب حوكمة لعمل منظومة الراحة البيولوجية خصوصا وقطاع الصيد البحري عموما. وتقتضي الحوكمة تعزيز شفافية موارد الصندوق وشفافية نفقاته بنشر تقارير دورية للعموم عن مختلف أنشطته وتحويلاته ونفقاته، ليطلع عليها ممثلو المجتمع المدني والهيئات المهنية والصحافة الوطنية. لذلك مع أهمية الاصلاحات التي أدخلها قانون المالية لسنة 2024 على نظام الصندوق، تبقى منقوصة طالما لم يغير المشرع مناويل عمل الصندوق ولم ينفتح أكثر فأكثر على السياسات التشاركية في إدارة المال العام. 

 
 
 
 
 

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *