ورشة عمل حول صناديق وحسابات الخزينة
من أجل مالية عمومية شفافة هو مشروع الجمعية التونسية للحوكمة الجبائية الذي انطلق يوم السبت 2 مارس 2024 بأحد نزل العاصمة بتنظيم ورشة عمل أولى حول صناديق وحسابات الخزينة، أشرفت على تسييرها السيدة عائشة قرافي، خبيرة في المحاسبة العمومية، ناقش فيها المشاركون أهميتها في المالية العمومية وقواعد التصرف في مواردها ومراقبة أوجه إنفاقها طبقا لمعاير الشفافية والحوكة الرشيدة…
وقد أثرت المناقشات التي دارت بالورشة، مداخلات عديدة لخبراء محاسبين ومستشارين جبائيين وممثلين عن جمعيات المجتمع المدني تنشط في مجال الرقابة على المال العام والحوكمة الجبائية وممثل عن مجلس نواب الشعب وخبراء في المالية العمومية، فضلا عن استفسارات صحفيين مختصين لفهم دورها وقواعد تسييرها ومجالات تدخلها وسبل التصرف فيها…
كان موضوع تبسيط صناديق الخزينة من أهم أهداف منظمي هذه الورشة الذين لاحظوا عزوف الصحافة الوطنية عن تناولها نتيجة عدم توفر المعطيات المتعلقة بها وتركز الاهتمام على ميزانية الدولة بمناسبة مناقشة قانون المالية. كما لاحظوا أنه في هذه الحالة، يقع عرض معطيات سطحية لجزء من صناديق الخزينة عادة في صيغ مبهمة وجداول معقدة يعجز دافع الضريبة وأغلب المهتمين بالشأن العام على فك رموزها. ويندرج هدف هذه الورشة أيضا ضمن سعي الجمعية لخلق رأي عام ملم بمكونات المالية العمومية يراقب ويسائل حول طرق تصرف المسؤولين في المال العام وأوجه إنفاقه في مشاريع تنموية تعود بالنفع على المجموعة الوطنية.
ومن جهتها، فسرت السيدة عائشة القرافي في مداخلتها الافتتاحية صعوبة تناول موضوع صناديق الخزينة والإحاطة بمختلف جوانبه نتيجة تشتت النصوص القانونية وصعوبة جمعها وتتبع التعديلات التي طرأت عليها وعدم نشر النصوص الترتيبية المنظمة لسير نشاطها. كما أضافت إلى ذلك،شح المعلومات المتعلقة بها واستحالة النفاذ إليها حتى من قبل الأطراف الممارسة للنشاط المالي والضريبي، فضلا عن دافعي الضريبة.
وعموما، تندرج هذه الورشة، في صلب نشاط الجمعية التي تسعى إلى تطوير مبدأي المساءلة و شفافية التصرف في المال العام. وعلى هذا الأساس، أكد السيد سفيان عبيد رئيس الجمعية التونسية للحوكمة الجبائية، في كلمة افتتاح أشغال الورشة، أن الجمعية رسمت لنفسها هدفا طموحا يتركز بصفة أساسية على تطوير شفافية التصرف في المال العام وفي الموارد الجباية حتى تتلاءم مع المعايير الدولية في الغرض. وهو هدف ترنو إلى تحقيقه كل الدول التي تحترم شعوبها وتعتبرهم شركاء في إدارة شؤون الدولة وتمنحهم الحق في ممارسة رقابة على المسؤولين ومساءلتهم على حد تعبيره.
كما تندرج الورشة بالخصوص، في إطار تنفيذ مشروع أكبر، هو”مشروع صناديق وحسابات الخزينة : من أجل مالية عمومية شفافة”، يشرف عليه السيد إسكندر السلامي الذي بسط في مداخلته عددا من الأسباب التي دفعت الجمعية إلى دراسة صناديق الخزينة في هذا الظرف بالذات. ثم اقترح ثلاثة مداخل لدراستها وفهمها وتبسيط المعلومة حولها للصحفيين ونشطاء المجتمع المدني ونواب الشعب حتى يتمكنوا من استغلالها وتقييمها وتقريبها لجمهور دافعي الضرائب. يتمثل المدخل الأول، في دراسة طرق التصرف فيها والنظر في مدى تلاؤمها ومعايير الشفافية والحوكمة الرشيدة في المال العام. ويتمثل المدخل الثاني، في البحث في مدى مطابقة طرق التصرف فيها والأهداف التي بعثت من أجلها. ويتمثل المدخل الثالث، في تفعيل الأدوار الرقابية التي منحها المشرع للجمعيات الفاعلة في المجتمع المدني بمقتضى الفصل 5 من المرسوم عدد88 لسنة 2011 المتعلق بالجمعيات.
بالإضافة إلى العرض الذي تم تقديمه حول أهم المفاهيم والتعريف بمجموعة من الصناديق المخصصة لتمويل الأنشطة الاقتصادية خصصت الورشة حيزا زمنيا هاما لنقاشات تركزت حول أغلبها حول أهمية الدور التنموي لصناديق الخزينة الراجع أولا، إلى عددها الكبير التي يتجاوز المائة وأربعون صندوقا، وإلى الموارد المالية الهامة التي تمتلكها والمجالات المتنوعة التي تغطيها تدخلاتها ، اقتصادية وتجارية واجتماعية وثقافية وغيرها…كما تبدو أهميتها بحسب مداخلات المختصين، في مرونة التصرف في أرصدتها المالية وسرعة مواجهتها للحاجات المتأكدة في تمويل مشاريع تنموية عاجلة دون اللجوء التقليدي إلى طول المسالك الإدارية وصرامة رقابة النفقات المبرمجة ضمن الميزانية. وقد ذكر الصحفي التونسي سفيان لسود، أن الموارد المالية التي تملكها هذه الصناديق قادرة على حل جزء كبير من إشكاليات تنفيذ المشاريع التي لا تزال تعاني من صعوبات التمويل.
وتركزت المناقشات أيضا حول حوكمة صناديق الخزينة وتطوير سبل إدارتها حيث أكد عدد من المتدخلين على ضرورة تجديد السلط العمومية مقارباتها في تقييم جدوى صناديق الخزينة وجودة أدائها، في اتجاه تعزيز الأساليب التشاركية، حتى يساهم كل من جهته، ممثلي السلطتين التنفيذية والتشريعية ونشطاء المجتمع المدني والخبراء، على قاعدة حوارية، في تقييم طرق التصرف في المال العام المرصود في صناديق وحسابات الخزينة، وأوجه إنفاقها وجدواها وسبل تسييرها بما يتوافق ومعايير الحوكمة الرشيدة وأهداف تحقيق العدالة الجبائية. وفي هذا الخصوص، ساند السيد اسكندر السلامي هذه الرؤى قائلا أن مقاربة الجمعية لموضوع صناديق الخزينة تثقيفية وحوارية بالأساس، وتسعى إلى تشريك جميع أطياف المجتمع والمهتمين بالشأن العام. وسوف تسعى في هذا البرنامج لتطوير قنوات التعاون مع المصالح المعنية بوزارة المالية من أجل تحقيق هذه الأهداف السامية. ذكر بأهداف الجمعية والتي من بينها العمل على بناء حوار حول التصرف في المال العام بهدف تحقيق مزيد من العدالة الجبائية والمساهمة أكثر في تنمية الاقتصاد الوطني.